تأسيس الشركات في الولايات المتحدة وبريطانيا لمواطني الدول الخاضعة للعقوبات الدولية: الفرص والتحديات
تأسيس الشركات في الخارج يُعد خيارًا استراتيجيًا لعدد متزايد من رواد الأعمال من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خصوصًا في ظل القيود الاقتصادية المفروضة على بعض الدول مثل العراق، اليمن، سوريا وغيرها. غير أن هذا التوجه يطرح سؤالًا محوريًا: هل يمكن لمواطني هذه الدول تأسيس شركات أمريكية أو بريطانية، والحصول على حسابات بنكية لها؟
تأسيس الشركات: إمكانية مفتوحة للجميع
القوانين في كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة لا تضع قيودًا على جنسية المؤسس عند تسجيل الشركات. أي شخص، بغض النظر عن موطنه، يمكنه تأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة (LLC) في الولايات المتحدة، أو شركة محدودة (LTD) في بريطانيا.لا توجد اشتراطات متعلقة بالإقامة.يمكن استخدام خدمات الوكلاء أو المسجلين التجاريين لإتمام الإجراءات عن بُعد.الأوراق المطلوبة عادةً لا تتجاوز بيانات الهوية الأساسية وعنوان للتواصل.هذا يعني أن عملية التأسيس بحد ذاتها ليست مرتبطة بالعقوبات الدولية.
الحسابات البنكية: العقبة الأساسية
العقبة الكبرى لا تكمن في تأسيس الكيان القانوني، وإنما في الحصول على حساب بنكي للشركة. البنوك ومزودو الخدمات المالية يتعاملون بشكل صارم مع العقوبات الدولية المفروضة على دول بعينها.
بنك ميركوري (Mercury)، وهو خيار شائع لرواد الأعمال الرقميين، لا يسمح بفتح حسابات لمواطنين أو مقيمين في دول مدرجة على قوائم العقوبات. وهذه قائمة بالدول المحظورة لبنك ميركوري
وايز (Wise)، كمزود مالي آخر، يطبق سياسات مشابهة، حيث يستبعد بعض الجنسيات أو الدول من خدماته.
وهذه قائمة بالدول المحظورة لبنك وايز
معظم البنوك التقليدية تعتمد بدورها على لوائح "اعرف عميلك" (KYC) و"مكافحة غسل الأموال" (AML)، ما يجعلها أكثر تحفظًا في التعامل مع الجنسيات القادمة من دول محظورة.وبالتالي، يمكن القول إن الكيان القانوني للشركة بلا قيمة عملية إذا لم يقترن بقدرة على فتح حساب مصرفي يتيح إدارة الأموال والعمليات التجارية.
خيارات وحلول ممكنة
أمام هذه العقبة، يلجأ العديد من رواد الأعمال إلى بعض البدائل:
*الشراكة مع طرف ثالث من دولة غير خاضعة للعقوبات، بحيث يتم فتح الحساب البنكي باسم الشركة المشتركة. هذا الخيار يضمن وجود حساب مصرفي نشط لكنه يتطلب مستوى عالٍ من الثقة القانونية والإدارية.
*الاعتماد على مزودي خدمات مالية بديلة في دول أخرى أقل تشددًا. على سبيل المثال، هناك تجارب مع بايونير (Payoneer)، حيث يتيح لبعض المقيمين في العراق فتح حسابات شخصية، وإن لم تكن مخصصة للشركات. قد تتغير هذه السياسات مع الوقت، لذلك من المهم متابعة المستجدات باستمرار.
*استكشاف حلول أخرى مثل بنوك إقليمية أو منصات مالية ناشئة قد توفر بعض المرونة. وفي هذا السياق، مشاركة الخبرات بين رواد الأعمال مهمة للغاية، لذا يمكنكم كتابة آرائكم وتجاربكم
في التعليقات حول أي خيارات إضافية متاحة.
الخلاصة
التأسيس القانوني لشركة أمريكية أو بريطانية متاح للجميع تقريبًا، دون اعتبار للعقوبات.التشغيل المالي (فتح الحساب البنكي) يمثل التحدي الأكبر لمواطني الدول الخاضعة للعقوبات، وغالبًا ما يحد من الاستفادة الكاملة من الشركة.
البحث عن حلول بديلة أو التعاون مع أطراف أخرى قد يكون السبيل الوحيد لتجاوز هذه العقبة.
في النهاية، يجب أن يدرك رواد الأعمال أن فتح الشركة ليس سوى الخطوة الأولى، بينما إدارة الأموال عبر حساب مصرفي دولي هي ما يحدد نجاح التجربة أو فشلها.